شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
shape
شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري
62726 مشاهدة print word pdf
line-top
باب صوم رمضان احتسابا من الإيمان

قال -رحمه الله تعالى- باب: صوم رمضان احتسابا من الإيمان. حدثنا ابن سلام قال: أخبرنا محمد بن فضيل قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن أبي سلمة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه .


(معلوم أن صيام رمضان) فريضة وركن من أركان الإسلام، وأن المسلمين يتقربون إلى الله تعالى بصيامه كله ولا يفطرون منه. ومن أفطر منه ولو يوما واحدا فإنه يقضيه إذا أفطر لعذر. ومن أفطر لغير عذر فإنه يعتبر مفرطا ويعتبر مذنبا ذنبا كثيرا. ومع ذلك فإنه يؤجر على هذا الصيام ويثاب؛ فيكون سببا في مغفرة ما تقدم من ذنبه. إذا كان مصدقا بأنه من الله وأن الله الذي فرضه وأمر به، ومصدقا بأنه عبادة وقربة يتطوع بها لله سبحانه وتعالى، ومحتسبا الأجر طالبا الأجر من الله غفر له ما تقدم من ذنبه .
فهذه ثلاثة أسباب في رمضان يغفر الله تعالى بها للعبد ما تقدم من ذنبه؛ الأولى: قيام ليلة القدر إيمانا واحتسابا، والثانية: قيام ليالي رمضان إيمانا واحتسابا، والثالثة: صيام رمضان إيمانا واحتسابا.
أي: كلها من الأسباب التي يغفر الله تعالى بها سيئات العبد. وهذه المغفرة قيل: إنها تعم كبائر الذنوب، وقيل: إنها تختص بالصغائر.
جاء في حديث أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر فجعل تكفيرها بشرط اجتناب الكبائر.
فأما إذا اقترف العبد الكبائر، فالكبائر تحتاج إلى توبة؛ فمن قد اقترفها فلا بد من التوبة.
كذلك أيضا لا بد من ترك الذنوب؛ لأنه إذا أصر عليها فإنها تكون من الكبائر ولو كانت من مقدمات الذنوب. فلا بد من التوبة التي هي ترك الإصرار عليها والتباعد عنها.

line-bottom